دمية مطرزة بالحب بقلم ياسمين عادل
المحتويات
بالمؤخرة تاركا إياه ينظر إليها وهي فاقدة للوعي أثر مخدر تم دسه في كوب الشاي الساخن كان يحس بالحزن وهو يراها هكذا ولكنه مقتنع أن ذلك من أجل حمايتها وقف يونس أمامها و
عايز حاجه قبل ما امشي ياعمي
ف أمسك إبراهيم بكفه وقبض عليه وهو يوصيه
ملك أمانة في رقبتك يايونس
ف أومأ و
حاضر ياعمي متقلقش
أوعدني أوعدني إنك تحافظ على الأمانة
وعد أحافظ عليها
ثم ترك يده واستدار كي يجلس خلف المقود نظر لها في المرآه ثم غمغم وهو يقوم بتشغيل السيارة
أستعدي ياملك رحلتنا هتكون طويلة
وتحرك بها ليخرج من هذا الممر النائي الذي تقع فيه بناية إبراهيم ثم إلى الشارع الرئيسي محافظا على وجود زجاج داكن لا يظهر من بالداخل كي يكون الأمر أكثر أمانا لهما
ومازال الليل ساكنا عنان السماء وقف يونس أسفل غطاء الليل بداخل الشرفة الملحقية بالغرفة التي ستكون ملك ضيفة فيها وقد استنزف كمية كبيرة من السچائر منتهزا فرصة عدم وجود المسؤول عن الحديقة والذي كان سيبوبخه لا محالة من أجل أعقاب السچائر التي يقذفها من الشرفة بعدم تركيز فتسقط بين المزروعات والحشائش الصغيرة
كانت ملك لا تزال نائمة مغطاه بغطاء ناعم مريح تتململ ولكنها مغمضة العينين جلس يونس أمامها منتظرا اللحظة التي ستصحو فيها حتى بدأت أهدابها تتحرك أولا ثم جفنيها ف اقترب يونس قليلا بمقعده ومد جسده للأمام تطلع إليها بتركيز متأهب للخطوة القادمة حتى بدأت تشعر بشكل خفيف وتأن متأثرة بآلام عضلاتها المتيبسة
صباح الخير يابنت عمي
ف رددت بصوت متقطع مبحوح
ي يزيد!!
ف ابتسم نافيا توقعها الخاطئ
تؤ يونس
الفصل الثامن
كانت تمسك بالكأس الذي تشرب منه بأصابع مرتجفة ومئات الأسئلة تدور بذهنها المخدر الآن والأفكار العبثية تعصف برأسها يمينا ويسارا
حقك تتلغبطي رغم إن الشبه بينا مميز وسهل يتفرق فيه سنين كتير أوي عدت على آخر مرة شوفنا فيها بعض
رفعت بصرها المتوتر حياله وهي لا تزال صامته التكالب الذي على عقلها الآن يمنعها حتى من التفكير ب روية أو التركيز في حديثه بينما تابع يونس
أجفلت بصرها وكأنها لا تود التحدث ف نهض عن جلسته مستعدا للرحيل وهو ينهي حديثه الذي أحس إنه ثقيلا عليها الآن
أنا هسيبك ترتاحي وبعدين نتكلم
وبعدما استدار واقترب من الباب استوقفته متسائلة
أنا إيه اللي جابني هنا
ف الټفت برأسه إليها وهو يجيب بصراحة مطلقة
انتي ضيفة هنا بس ضيفة مطولة شوية
تنغض جبينها بعدم فهم و
يعني إيه ضيفة مطولة!!
رغبت في النهوض عن الفراش ولكن مفعول المخدر ما زال مؤثرا على ساقها بالكامل وكأنها فشلت في تحريكهما ف زفرت وهي تقول
أنا مش فاكرة حاجه أنا جيت هنا إزاي وليه
كانت أجوبته مبسطة وكأن الأمور غير معقدة بالمرة
أنا اللي جيبتك هنا ليه دي هتحتاج إجابة من شخص تاني مش مني
تنهدت ب انزعاج و
من مين
عمي عمي هو اللي أمر إنك تقعدي هنا
وأشار حوله وهو يتابع
المكان هنا هادي ومريح عشان أعصابك بعيد عن العاصمة وقرفها
انقبض قلبها وهي تعقب على عبارته الأخيرة بذهول
إحنا مش في القاهرة
ف أشار بسبابته نافيا وهو يمط شفتيه للأمام
تؤ تؤ تؤ انتي هنا في مزرعة الخيول بتاعتي أجمل مكان في مصر كلها
نظر في ساعة الحائط و
الساعة بقت ٦ الصبح هنكمل كلامنا بعدين
لأ استنى
أجبرت ساقيها على النهوض وهي تقول
أنا أعصابي مش هترتاح طول ماانا مش في بيتي رجعني دلوقتي
كانت ملامحه مرتخية للغاية جمعت بين الهدوء والرزانة وبين نبرة حازمة ترفض المناقشة
أنا بقترح عليكي تنسي الفكرة دي عشان انتي هتفضلي هنا
وأشار بيده مؤكدا من جديد
هنا ياملك
ثم فتح الباب وهم ليخرج منه
خلي بالك الفطار هنا الساعة ٩ ونص
وأغلق الباب من خلفه بل أوصده بالمفتاح من الخارج أيضا وكأنها بالفعل سجنت هنا
حتى الآن لم تبدي رد الفعل الذي توقعه توقع أن تصرخ وتصيح أن تكسر وتهدم سعيا خلف الخروج من هنا ولكنها لم تفعل أيا من ذلك
كانت غير شاعرة بجدية الوضع الذي حشرت فيه كأن في عقلها فوضى تحتاج لترتيبها أولا كي تفكر جيدا الأمر الوحيد الذي استطاعت استنباطه أن لوالدها يد في الأمر كما قال هو وإلا كيف تأتي إلى هنا وتبقى حتى الآن!
هل يعقل إنه فعلها من جديد هل خذلها وخذل توقعاتها مرة أخرى! لا تدري ولكن بداخلها قلق وهي عاجزة عن تجميع النقاط لتنشئ قصة تستطيع من خلالها فهم ما حدث لا بد إنها تحلم حتى إنها عادت تغفو من جديد معتقدة إنها ستصحو على واقع آخر غير ذلك ستصحو على واقعها
كانت تفيدة تضع الخبز الساخن الذي نضج توا في مكانه الخاص به حينما دخل عليها إبنها ربيع مسرعا التفتت إليه وهي تستمع صياحه البعيد الذي كان يقترب منها واستقبلته بصوتها المرتفع وهي تصيح
في إيه ياوله داخل تزعق كده كأني طرشة مش هسمعك في إيه
لقيتها لقيتها ياما
قالها وهو يتنفس بصعوبة كأنه كان يركض منذ لحظات رمقته والدته بنظرات متعجبة وقد انقطب جبينها بعدم فهم
مين دي اللي لقيتها
ملك ملك بنت خالتي منار
شهقت تفيده وهي ټضرب على صدرها غير مصدقة بعد كل تلك السنوات من الغياب والإختفاء تظهر فجأة أمامهم بعدما ضاعت سنين في البحث عنها وعن والدتها التي لم يظهر أثر حتى لجثمانها أوفضت تفيده نحوه و
لقيتها بجد هي فين
اللي ما يتسمى إبراهيم رجع بيتهم القديم اللي سابه من زمن وهي كانت معاه ليلة امبارح في البيت لازم نلحقه قبل ما يختفي تاني ده انا ما صدقت
عطرت فيه لقيته
تلهفت لرؤية ملك إبنة شقيقتها التي اختفت في ظروف غامضة حتى الآن لا أحد يعلم أين هي وانشرح صدرها أخيرا لأنها سترضي رغبتها في رؤيتها ابتسمت وهي تقول ب ابتهاج
طب بسرعة روح هاتها عايزة اشوفها
عبس ربيع بوجهه مستنكرا طلبها و
أجيبها فين مش لما نمهد لها الموضوع الأول يمكن متوافقش!
عقدت تفيده حاجبيها ب استهجان وهي توبخه بقولها
نمهد إيه وزفت إيه هي لسه هتفكر
ڠصب عنها لازم تيجي تعيش معايا مش كفايه اتحرمت من امها اللي مش عارفه فين أراضيها لحد دلوقتي
وجلست على الأريكة وقد ظهرت سمنتها المفرطة وتابعت
أكيد أبوها كدب عليها زي ما كدب علينا وقال إنه رجع من بلاد برا ملقهاش فى البيت منه لله مش مرتاحه له
وأشاحت له
تروح تطقس وتعرف مكانها وانا هروح بنفسي اجيبها دي بنت الغالية وما صدقت هشوفها من تاني
حاضر هروح فريره بسرعة
ف تنهدت بضيق وهي تهمس
ياترى فين أراضيكي يامنار ياختي!!
يعني إيه مكلتش
سأل إبراهيم سؤاله بضيق اعتراه عندما كان يسأل عن حال ابنته في أول يوم غياب لها عنه ف أجاب يونس بنفس الهدوء
يعني من الصبح م أكلتش حاجه نامت ومن ساعتها كل ما ابص عليها ألاقيها في سابع نومه تقريبا مفعول المخدر لسه مأثر عليها
أجفل إبراهيم بحزن شديد ونظر للعامة من حوله في المقهى الذي يجلسون به وهو يبحث عن وجهها فيهم هي وحيدته رغم قسوته وتعنفه في تربيتها إلا إنها غاليته التي بقيت له في هذه الدنيا ولا يتحمل أن يصيبها سوء
كان يونس مراقبا جيدا لتعابير وجهه المعبرة قارئا ما بينها من مشاعر متضاربة بين الندم على استبعادها عنه وبين القوة التي يحاول استدعائها ولم يمنع فضوله من السؤال بعد كل ما حدث دعس يونس السېجارة في المنفضة واعتدل في جلسته وهو يردف
عمي
انتبه له إبراهيم ف تابع
ليه عملت كده ليه خلتني أخدها عندي وسيبتلي أمانة معرفش هرجعها أمتى ولا حتى عرفتني السبب
لم يرغب إبراهيم في إخباره عن حقيقة الأمر وحاول مراوغته
بعد طلاقها نفسيتها في النازل و
عمي!
قطع عليه حديثه غير مصدقا أيا منه و
مش ده السبب وانت عارف ده ! يزيد كمان يعرف ومش هيقول حاجه بس انا لازم اعرف عشان أقدر أساعدك
كأنه لم يكن مؤثرا عليه بشكل كافي لكي يجعله يتراجع عن موقفه و
أنت بتحمي بنتي يايونس مقدرش أقول حاجه تانية
ضاقت عيناه وقد أحس بأن طلبه لحمايتها كان طرف الخيط الذي سيقوده للأمر و
من مين طليقها
وتقلصت تعابير وجهه متابعا
طليقها حاول يتعرضلها أو يعملها حاجه!
هز إبراهيم رأسه نافيا و
لأ بتحميها من نفسها
تذكرت كل شئ كاملا تذكرت أن آخر ما حدث هو حديثها عن حبها وذاك الرجل الذي اختارته بعدما خذلها زوج ملعۏن ضړب بها إلى أسفل سافلين واستطاعت أن تربط الخيوط سويا لتكتشف إنها سجنت هنا برغبة من والدها الذي خدعها كي يستدرجها في الحديث وأخيرا أرسلها للمنفى بعيدا
لم تكتفي من البكاء ساعة كاملة منذ أن استعادت وعيها كاملا خاصة حوارها القصير ما من يدعى إبن عمها بينما الحقيقة إنها لم تره منذ سنوات ظلت نائمة بمكانها ودموعها تنسال لتتخلل الوسادة التي تشبعت بالدموع لم ترتاح بأي شكل خرجت من مسجنها لتدخل إلى محبس أكبر منه ولكنه مزدان قليلا في النهاية هي محتبسة
مر يونس من أمام غرفتها ف تسلل لمسامعه أنينها الخاڤت ف اقترب أكثر ليصل صوت شهقاتها فتح الباب الموصد بالمفتاح بعدما طرق عليه ووقف بالخارج وهو يستأذنها
ممكن أدخل
انتبهت لتواجده ف تحكمت بنفسها ولملمت شتاتها اعتدلت في جلستها وقد تحررت رأسها من الحجاب ونهضت من مكانها وهي تقول ب إصرار
أنا عايزة امشي من هنا حالا
دخل أغلق الغرفة وهو يقول
للأسف صعب
الټفت ينظر لعيناها التي أصبحت كتلتين من اللون الأحمر وهو يتابع
تأقلمي على الوضع الجديد على فكرة ال view هنا حلو وهيعجبك
وأشار نحو الشرفة التي تطل على الحديقة وقبل أن يهم لفتحها كانت تصيح بأعلى صوت لديها
ڤيو إيه اللي بتكلم عنه!! بقولك مشيني من هنا
توقف بمحله هنيهه ثم الټفت برأسه نصف التفاته وهو يسأل بتجهم
انتي زعقتي ولا أنا متهيألي
فلم تهتم بهذا الإنذار الهادئ وتابعت صياحها الهادر
آه بزعق مش من حقك تقعدني هنا ڠصب عني
وكأن إنسان آخر يقف أمامها الآن التعابير الغامضة والممتعضة في آن والتي بزغت في وجهه جعلتها تفكر ثانية في حين إنه لم يمررها لها في أول أيامها هنا في حصنه وأعلن صراحة
أسمعيني كويس أنا ألطف إنسان ممكن تعامليه في
حياتك بس هتلاقي مني أسوأ واحد ممكن تشوفيه متعصب في حياتك بلاش تطلعي البني آدم ده من جوايا
وقبل أن تبدأ بحديث غير عابئة بما قال
أنا مخلصتش الأوضة دي ممكن تبقى
متابعة القراءة